من منكم لا يعرف ” بولولو ” الشخصية التي لم يرها أحد ، ومع ذلك أرعبت الملايين من الأطفال على مر الأزمنة ، مذ بدأت أميز الأشياء أصبح فزاعتى الرهيبة … تخيلته أيام البراءة شخص طويل القامة ، أنفه يصل لمتر أو يزيد شعره كثيف ، يعتمر قبعة ” حيزبون السحرية ” و يرتدي جلبابا منسوجا من ” الخيش ” لونه بني ومرقع ، يظهر في الليل مثل الخفافيش الرمادية … لذا كان الظلام بالنسبة لي كابوسا مزعجا …
” آجي ليه أبولولو ” كلمة المفتاح لدى الأمهات ، تجنبهن عناء ” التطباب ” عليك كي تكف عن البكاء … بفضل هاته الكلمة نأكل رغما عنا أطعمة لا نريدها … نرجع لحضن الأمهات حين نتمرد إحتجاجا على عدم تلبية الطلبات ، هكذا عرفنا ” بولولو ” شخصية تدخل في الدليل البيداغوجي للطفل .
من الحكمة أن تنسحب بهدوئ حين تعرف أن دورك قد إنتهي ، لربما قالها صاحب الجلباب البنى وإنصرف ، من يدري ، قدم إستقالته طوعا بعد أن أصبح شخصية متجاوزة . نتيجة حتمية فرضتها عليه متغيرات العصر ، فقد مر ربع قرن وزيادة لم أسمع به قط … لربما غادر للاعودة .
أتمنى أن ألتقيه يوما لعلى أقنعه بالرجوع للعمل مع الترقية في الدرجة ، فزاعة للشباب و الشيوخ عوض الأطفال … ، هكذا لن يضع الشخص الأزبال أمام باب جاره مخافة أن يستدعى هذا الأخير ” بولولو ” سيعمل الموظف بتفاني و إخلاص و الطبيب بلا رشوة … خوفا من بطش صاحب الجلباب البني ، لن يتبول أحد على جدران المنازل ولن يعترض أحدهم سبيل المارة فصاحب ” قبعة حيزبون ” سيكون لهم بالمرصاد ، آمل أن ألتقيه يوما ما لكونه سيكون جزىء من الحل ، هذا إن أراد العودة للعمل طبعا .
* مقتطف من سيرتى ” أوراق الخريف “